السبت، 26 ديسمبر 2009

اي انتقاص من استقلالية القضاء يؤثر بالسلب على الرسالة التي يتطلع اليها

أكد المحامي العام الأول المستشار محمد الزعبي أنه لا يوجد فرق بين السلطة القضائية والسلطتين التنفيذية والتشريعية من ناحية المساواة، مشيرا الى أن السلطة القضائية تستمد وجودها وكيانها من الدستور ومن التشريع الذي ينظمها. واضاف المستشار الزعبي في حديثه لــ «القبس» الذي تطرق فيه الى قانون استقلالية القضاء المعروض بجلسة اليوم على مجلس الأمة ان ولاية القضاء قاصرة بحكم القانون على القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين هم شعبة اصيلة من شعب السلطة القضائية وجناح من جناحيها يستظلان معا بمجلس قضاء أعلى واحد وقواعد واحدة يخضعان لها في كل أمورهما الوظيفية. وبين المستشار الزعبي ان مشروع قانون استقلالية القضاء مالياً واداريا ليس امتيازا للقضاة وانما هو حق من حقوق الانسان، وضمان لحماية الحقوق والحريات، مؤكداً ان طبيعة القضاء توجب ان يكون مستقلا، ومشيرا في الوقت نفسه الى ان كل مساس بهذا الاستقلال او الانتقاص منه من شأنه العبث بجلاله والاخلال بميزانه وتقويض دعائم الحكم، لأن العدل بنص الدستور اساس الملك والحكم. وأوضح المستشار الزعبي ان الاستقلال في ضمير القاضي كالسلاح في يد الجندي، فأي انتقاص هنا او هناك يؤثر في عصب الرسالة التي يضطلع بها كل منهما. ورد المستشار الزعبي على مشروع احدى الجهات القانونية الذي اعتبر النيابة العامة ليست سلطة قضائية بأن الجدل والمراء في هذا الخصوص يكونان عقيمين، موضحا انه لا اجتهاد في مورد النص كما يقال، مؤكداً ان اعضاء النيابة هم المعين الذي يمد القضاء بقضاته، والمهد الذي يتولى اعداد قضاة المستقبل، وهم في حكم القضاة في نصوص القانون. وفيما يلي نص الحوار: • طرحت في الفترة الاخيرة تساؤلات عديدة عن الهيئات التي تمثل السلطة القضائية فما هي؟ ــــ السلطة القضائية هي سلطة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية وتستمد وجودها وكيانها في بلدنا من الدستور ذاته ومن التشريع الذي ينظمها، وقد ناط بها الدستور وحدها امر العدالة كما ناط بها القانون الفصل في جميع المنازعات والجرائم مستقلة عن باقي السلطات والجهات وعندما ينص الدستور في المادة 162 على ان «شرف القضاء ونزاهة القضاء وعدلهم، اساس الملك وضمان للحقوق والحريات» وفي المادة 163 على انه «لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاة وفي المادة العدالة، ، ويكفل القانون استقلال القضاة وفي المادة 168 على ان يكون للقضاء مجلس اعلى ينظمه القانون ويبين صلاحياته، وعندما يعهد قانون تنظيم القضاء للمحاكم بالفصل في جميع المنازعات والجرائم الا ما استثني بنص خاص فان الدستور والقانون يكونا قد اقاما تلازما لا تنفصم عراه بين القضاة الذين هم بنية السلطة القضائية، وبين غيرهم ممن ليسوا من لحمتهم ولو كانوا من اشباههم او ممن شبه لهم ذلك فالسلطة القضائية اذن كيان يستقل بالولاية القضائية، وولاية القضاء قاصرة بحكم القانون على القضاء واعضاء النيابة العامة الذين هم شعبة اصيله من شعب السلطة القضائية وجناح من جناحيها يستظلان معا بمجلس قضاء اعلى واحد وقواعد يخضعان لها في كل امورهم الوظيفية. أهداف الاستقلالية • تنادي السلطة القضائية بإقرار قانون لاستقلالهم إداريا وماليا، فما هي أهدافه وثماره على القضاء في حال تطبيقه؟ ــــ قبل ان اجيب عن السؤال اود ان اوضح اولا ان استقلال القضاء او السلطة القضائية ليس امتيازا للقضاة وانما هو حق من حقوق الانسان، وضمان لحماية الحقوق والحريات، فمن حق الناس جميعا ان يكون الفصل في منازعاتهم - حقا وعدلا - بمنأى عن اي عوامل تؤثر في موضوعية الحكم وتحيد به عن سواء السبيل ايا كانت هذه العوامل وايا كانت طبيعتها وبغض النظر عن مصدرها او دوافعها او اشكالها. لذلك فان طبيعة القضاء توجب ان يكون مستقلا، وكل مساس بهذا الاستقلال او الانتقاص منه من شأنه العبث بجلاله والاخلال بميزانه وتقويض دعائم الحكم لان العدل بنص الدستور اساس الملك والحكم، ولعل هذا الايضاح عن فلسفة استقلال القضاء يكشف بذاته عن اهداف السعي اليه، كما يكشف بذاته عن ثماره التي تؤتي اكلها وتصب في مصلحة الوطن والمواطنين، فليس انفع للوطن وليس اجدى للمواطن من ان يعمل قضاته بعيدا عن كل او لان التأثير او الضغط الذي يوهن عزائم رجاله ويؤثر في قضائهم اغواء او ارغاما، ترغيبا او ترهيبا. • وهل يتمتع القضاء في الدول الاخرى باستقلال مالي او اداري؟ ــــ بكل تأكيد، يتمتع القضاء في اغلب بلدان العالم المتحضر باستقلال مالي واداري لان من اهم ضمانات استقلال القضاء، بل جوهر هذه الضمانات ان يستقل القضاء بوضع موازنته بما في ذلك تحديد موارد هذه الموازنة ووجه انفاقها وان تدرج رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة، حتى في عالمنا العربي فان القضاء في الشقيقة مصر قد حظي اخيرا باستقلال مالي واصبحت موازنته بيد مجلس القضاء يصرفها على الوجه الذي يراه محققا لمصلحة القضاء والمتقاضين. ضمير القاضي • وماذا لو بقيت الحال في الكويت على ما هي عليه بالنسبة للوضع القائم في شأن ميزانية القضاة؟ ــــ الاستقلال المالي للقضاء فرع من استقلال القضاء ذاته، بل هو جوهر هذا الاستقلال ومناط تحققه، وابرز مظاهره ولعلي لا اكون مبالغا اذا قلت ان الاستقلال في ضمير ا لقاضي كالسلاح في يد الجندي فان انتقاص هنا او هناك يؤثر في صب الرسالة التي يضطلع بها كل منهما. • لقد طرحت احدى الجهات القانونية مشروعا خاصا بها تناولت فيه النيابة العامة على اعتبار انها ليست سلطة قضائية فما هو رأيكم؟ ــــ النيابة العامة كما سبق ان اوضحت شعبة اصلية من شعب السلطة القضائية وجزء لا يتجزأ من كيانها، ومن يرد ان يلتمس الحق فعليه مراجعة قانون تنظيم القضاء حتى يدرك هذه الحقية بغير عناء، فالنيابة العامة فضلا عن توليها عملا من صميم العمل القضائي فإن اعضاءها هم المعين الذي يمد القضاء بقضاته وهي المهد الذي يتولى اعداد قضاة المستقبل وهم في حكم القضاة في اكثر من نص من نصوص هذا القانون، وقد اكتفى هنا بنص المادة 21 من قانون تنظيم القضاء التي تنص على ان ترقية القضاة حتى الدرجة الاولى ومن في حكمهم من اعضاء النيابة العامة على اساس الاقدميةمع الاهلية، وهم في باقي النصوص يخضعون لقواعد واحدة تعيينا وترقية وندبا وحصانة، وحقا وواجبا حتى حسابا ومساءلة. محارم الدستور • ماذا لو اقر مجلس الامة تبعية بعض الجهات القانونية للقضاء؟ وهل سيعتبر هذا القانون في حال صدوره غير دستوري؟ ــــــ السلطة التشريعية في بلادنا على قدر كبير من الوعي الفكري والقانوني والدستوري على وجه الخصوص، وهي السلطة الاحرص على سيادة القانون ومراعاة محارم الدستور، وتاريخها يشهد بذلك في كل مناسبة ولذلك لا ارى وجها للتخوف الذي يوحي به السؤال. الوطن والقضاء • اخيراً، هل تتوقع موافقة السلطتين على مشروع الاستقلال المالي للسلطة القضائية؟ ــــــ توقع ما لم يحدث امر بظهر الغيب الذي لا يعلمه الا الله ولكن الامل والتفاؤل فهما دائما من طبعي، واما الثقة فهي معقودة في السلطتين اللتين لا اشك في انهما يضعان مصلحة الوطن والقضاء فوق اي اعتبار وقبل اي اعتبار. اجتهاد عقيم اكد المستشار الزعبي اثناء حديثه ان الجدل والمراء في ما طرح من ان النيابة ليست سلطة قضائية يكون عقيما، موضحا انه لا اجتهاد في مورد النص كما يقال. مساواة بالسلطتين تساءل المستشار الزعبي قائلاً: ما دام لكل من السلطتين التشريعية والتنفيذية في الدولة استقلال مالي، فما الذي يمنع اذن ان تحظى السلطة القضائية بمثل هذا الاستقلال حتى تكون على قدم المساواة مع السلطتين؟!

الأحد، 20 ديسمبر 2009

النيابة العامة كطرف أصلي في الدعوى

مجرد الاعتراف بكون النيابة العامة كجهاز ينتصب على أساس أنه طرف أصلي في الدعوى العمومية، أي خصما في تلك الدعوى يعتبر حيفا بالمتهم وذلك من جهتين:الجهة الأولى: أن النيابة العامة كجهاز لها سلطات على المتهم وهذا ما لا يبرره شيء كيفما كان، فإن الخصم «النيابة العامة» له سلطة إعداد الأدلة ومواجهة الخصم بها وكذلك ممارسة بعض السلطات وإن كانت استثنائية فلا يبرر ذلك ارتكابها من طرف هذا الخصم، وهذه السلطة تتمثل في إيداع المتهم بالسجن فكيف لشخص موضوع تحت رقابة هذا الجهاز أن يثبت براءته؟ بينما خصمه مطلوق السراح يبحث عن أدلته علاوة على كون هذا الخصم يتكون من جهاز كامل يخضع للدولة وما يترتب عن ذلك من إمكانيات مادية وبشرية في مواجهة ذلك الخصم الوحيد والذي لا حول له ولا قوة. ويعتبر تكافؤ الوسائل بين أطراف الدعوى العمومية كشرط أساسي من شروط المحاكمة العادلة، الذي يقتضي أن توضع رهن إشارة المتهم نفس الوسائل الموضوعة بيد النيابة العامة للمشاركة في أعمال التحقيق بما تخوله من حق في الاطلاع على المسطرة وإمكانية الاعتراض على الأوامر القضائية( ).
الجهة الثانية: إن النيابة العامة كجهاز يتمتع بالأفضلية على المتهم من حيث الموقع والقوة، فموقعها إلى جانب القاضي يعتبر أكثر مساس بالعدالة والمساواة بين الأطراف المتخاصمة حيث يعترف للنيابة العامة بالجلوس إلى جانب قضاة الحكم بينما يبقى المتهم في قفص الاتهام إلى حين استدعائه إلى منصة الشهود لاستجوابه، ناهيك عن تعامل أمن المحكمة مع هذا المتهم بفضاضة داخل ذلك القفص وقد بين المشرع أن المتهم يجب ألا يمثل أمام المحكمة إلا وهو مطلق السراح غير مقيد وهذا يعني بداهة علم المشرع بالانتهاكات التي تتم داخل قفص الاتهام حيث يكون المتهم محكوما عليه بأنه الفاعل من طرف أعضاء الأمن حتى قبل صدور الحكم، ونحن ومن هذا المنبر ومعنا بالطبع جل إن لم نقل كل الحقوقيين في كل البلاد نطلب من المشرع التدخل وإلغاء هذا الفرق اقتداءا بأغلب التشريعات الحالية سواء الغربية “فرنسا وأمريكا” أو بعض الدول العربية «كمصر والسودان والأردن» خاصة وأن فرنسا قد ذهبت بعيدا في هذا المجال حيث ألزمت قضاة النيابة العامة بارتداء زي المحامين باعتبارها محامي العامة أو محامي الشعب وهذا ما لا نراه في قانون المسطرة الجنائية بالمغرب، حيث يتمتع قاضي النيابة العامة بامتياز ارتداء زي قضاء الحكم.فكيف لخصمين يتمتع أحدهما بكل الامتيازات المذكورة ولا يتمتع الآخر حتى بحق السراح المؤقت وإن كان يتوفر على ضمانات، حيث نص المشرع على أن النيابة العامة يمكنها أن تمتع المتهم بالسراح المؤقت إذا ما توفرت فيه ضمانات كافية للحضور مع الإشارة إلى أن المشرع نص في المادة 74 الفقرة الثانية على أنه «… كما يمكنه أن يعرض تقديم كفالة مالية أو شخصية مقابل إطلاق سراحه» ومعنى هذا النص أن كلا من الكفالة المالية والكفالة الشخصية تعتبر كضمان يمكن للنيابة العامة أن تخلي سبيل المتهم إذا ما توفر أحدها وإن كانت هذه الضمانات وردت على سبيل المثال لا الحصر، ولكن ومن حيث الواقع نجد أن النيابة العامة استغلت هذه السلطة إلى أبعد حد كنوع من أنواع التعسف في استعمال السلطة دون أي حسيب أو رقيب فيكفينا علما أنه فعليا وواقعيا أن النيابة العامة لم تصدر قرار إطلاق سراح أي متهم بناءا على الضمانات التي قدمها مهما كانت قوة هذه الضمانات بحجة عدم كفايتها في نظر هذه الأخيرة وهذا ما يجعلنا نتطلع إلى تعديل المشرع لعبارة وردت في المادة 74 الفقرة الأولى كانت هي سبب هاته الإشكاليات حيث نصت تلك المادة على أنه «… أو إذا لم تتوفر في مرتكبها ضمانات كافية للحضور، كما يمكنه أن يقدم للمحكمة حرا بعد تقديم كفالة مالية أو كفالة شخصية» فكون المشرع أورد كلمة “يمكنه” يعني أن للنيابة العامة الخيار في أمر منح السراح من عدمه وهذا بالضبط ما نتطلع إلى إلغائه وذلك بإبعاد هذه الكلمة والنص على إجبارية الأخذ بهاته الضمانات إذا ما جاءت كما نص عليها المشرع.وتحتم علينا الأمانة العلمية أن نذكر بعض الأقوال التي تتردد في الشارع من ألسنة العامة أو حتى بعض الحقوقيين على اعتبار أن النيابة العامة في مسطرة استدعاء الشهود حسب آراءهم تستدعي شهود الإثبات فقط وأن شهود النفي يقدمون من طرف محامي المتهم. وهذا ما يبرر تسمية النيابة العامة في الشارع المغربي بإسم “الغراق” وهذا عكس ما ينبغي أن يكون حيث يفترض في النيابة العامة بحثها عن الحقيقة وتقديم جميع ما يثبتها من شهود إثبات أو نفي بل الأحرى بها أن تقدم أولوية لشهود النفي على شهود الإثبات اعتبارا لكونها نزيهة واعتبارا لإرساء المشرع لمبدأ البراءة المفترضة وتنصيصه عليه في الفصول الأولى من المسطرة الجنائية، إلا إذا كان هذا المبدأ من باب الحبر على الورق ليس إلا. وهذا إن كان يدل فإنما يدل على الطبيعة المتناقضة للنيابة العامة من حيث الواقع والقانون.

عدم استقلالية النيابة

استقلال النيابة العامة عن باقي أجهزة الدولة عدة تساؤلات لا يهمنا في الوقت الحاضر إلا التساؤل عن استقلالها عن السلطة التنفيذية، والمتمثلة في وزارة العدل «وزير العدل بشكل شخصي» لما لذلك من تأثير على مواقف النيابة العامة في القضايا التي تمارسها وبالتالي على رأيها بل ومطالبها إن ما هو متعارف عليه في الأنظمة القانونية المقارنة هو استقلال النيابة العامة كجهاز عن أي سلطة لوزير العدل إلا من حيث الرقابة على الأعمال دون سلطة التوجيه التي تعني التدخل في خصوصيات هذا الجهاز والتأثير على مطالبه، وإن أهم ما يميز الوضع القانوني للنيابة العامة هي هشاشة وضعف وتبعية وضع النيابة العامة في علاقتها بالسلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل( )। ومن خلال تصفح المواد التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية نجد أن المشرع قد أعطى لقضاة النيابة العامة وضعية مزدوجة أدت إلى وجود تضارب فقهي حول طبيعة جهاز النيابة العامة هل هو إداري أم قضائي؟

لقد انقسم الفقه في الإجابة على هذا التساؤل إلى قسمين:
الأول: وهو اتجاه يدافع عن الطبيعة القضائية للنيابة العامة وذلك بناءا على أن قضاة النيابة العامة هم قضاة يتم تكوينهم وتعيينهم بنفس طريقة قضاة الأحكام ويخضعون للقانون الأساسي لهذه الفئة وهذا ما يعاكس الاتجاه
الثاني: وهذا الاتجاه يتمسك بكون النيابة العامة ذات طبيعة إدارية إلى حد إنكار أي صفة قضائية لهذا الجهاز وذلك بناءا على الأسباب التالية:
-خضوع جهاز النيابة العامة للتسلسل الإداري والذي يأتي على رأسه وزير العدل.
-التفريق بين قاضي الحكم وقاضي النيابة العامة من حيث الحصانة اتجاه العزل والنقل بالإضافة إلى خضوعهم لأوامر وزير العدل
إن ما هو متفق عليه من طرف أغلبية الفقهاء هو الطبيعة المزدوجة والمختلطة لقضاة النيابة العامة، ولكن ما تأثير هذه الطبيعة المزدوجة على قرينة البراءة كمبدأ حساس يتأثر بموجب الوضعيات المختلفة التي يتخذها جهاز النيابة العامة؟لقد نصت المادة 38 من قانون المسطرة الجنائية على أنه «يجب على النيابة العامة أن تقدم ملتمسات كتابية، طبقا للتعليمات التي تتلقاها… وهي حرة في تقديم الملاحظات الشفهية التي ترى أنها ضرورية لفائدة العدالة» إن مضمون هذا النص يذهب إلى الإقرار بضرورة تبني النيابة العامة لوجهة نظر وزير العدل على الأقل في ملتمساتها الكتابية حيث لا يمكن لقضاة النيابة العامة أن تقوم بتقديم ملتمسات تخالف رأي وتوجه وزير العدل الذي يأتي رأيه أساسا متأثرا بتوجه سياسي معين لا يكترث لبراءة المتهم
وهذا ما يؤدي عمليا إلى شل حركة قضاة النيابة العامة وإن كان المشرع قد حاول تخفيف وطء هذه المادة من خلال ما أقره للنيابة العامة من الحق في تقديم الملاحظات الشفهية التي لا نرى أهميتها لتحقيق العدالة ويلاحظ مع هذا التناقض أن القضاء يعتمد بالأولوية إلى اعتبار الجزء الأخير من النص القانوني غير ذي فائدة عمليا أي أنه من قبيل المساحيق التجميلية التي يستخدمها المشرع للتأكيد على حرية النيابة العامة في تقديم ملتمساتها.

مفهوم قرينة البراءة لدى القضاء الجنائيا

لفصل الأول : القضاء الواقف – النيابة العامة
المبحث الثاني: سلطات النيابة العامة
المطلب الثالث: استعمال وسائل الطعن ضد ما يصدر من مقرراتيعترف لقاضي النيابة العامة بحق استئناف جميع الأوامر القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق ما عدا تلك الخاصة بإجراء بإجراء خبرة وذلك حسب المادة 222 من قانون المسطرة الجنائية( )।إن ما يهمنا من هذه المادة هو كون الأمر الصادر بالإفراج المؤقت من طرف قاضي التحقيق لا يسري إلا بموافقة النيابة العامة أو بانصرام أجل الاستئناف لهذا الأمر المادة “222 الفقرة 3″ حيث يتم الإبقاء على المتهم في حالة اعتقال إلى أن يتم البث في هذا الاستئناف (الفقرة الأخيرة) وهذا يجعلنا نتساءل عن أهمية تنصيص المشرع على عينية التحقيق بالنسبة للمتهم؟
حيث أنه وكما سبق الذكر فإن عينية التحقيق تخول لقاضي التحقيق أن يقوم بمتابعة أشخاص لم يتم التنصيص عليهم في ملتمس التحقيق أي أن المشرع خول لقاضي التحقيق سلطة المتابعة بناءا على هذا الأمر، ولكنه وبالمقابل ميز بين قوة حضور قاضي التحقيق بالنسبة لحالة الاتهام عنها في حالة التبرءة ولو كانت هذه التبرئة جزئية، حيث لا يستطيع قاضي التحقيق أن يقوم بالإفراج عن المتهم في هذه الحالة إلا بسلوك مسطرة معقدة أسهل ما فيها أن يتم موافقة النيابة العامة على هذا الإفراج وما يعنيه ذلك من ضرورة إبلاغها بقرار قاضي التحقيق وحصوله على الموافقة. فما معنى أن تكون لقاضي التحقيق سلطة واسعة في ملاحقة الأشخاص بناءا على ملتمس التحقيق ولا تكون له سلطة موازية وعلى نفس الأشخاص في الاتجاه العكسي (اتجاه إخلاء السبيل) هذا ينم على أن سياسة المشرع تتجه إلى زيادة عدد المتهمين وتوسيع قاعدتهم وإهدار حقوقهم في التمتع بالسراح إلى أن تتم إدانتهم وتجدر الإشارة إلى أنه غالبا ما يتم التذرع وراء حجة عدم وجود ضمانات لحضور المتهم أو الخوف من فراره والرد على هذه الحجج هو مضمون المادة 161 والتي نصت على وجود ضمانات لوضع المتهم تحت المراقبة القضائية حيث يمكن استبدال الأمر بالإيداع في السجن بالوضع تحت المراقبة القضائية لما يحققه من نتائج إيجابية مقارنة مع الأمر السابق.
المطلب الرابع: السهر على احترام إجراءات الحراسة النظرية وآجالهامن المتعارف عليه أن النيابة العامة تسير أعمال الشرطة القضائية والتي يدخل ضمن اختصاصها القيام بوضع المتهم تحت الحراسة النظرية، وقد نصت المادة 66 على أن هذا الوضع يكون لمدة معينة قابلة للتجديد وهذا ما يطرح بعض التساؤلات من هذه الناحية(أ) إضافة إلى الإشكاليات التي يطرحها هذا الوضع لكونه عملا ماسا بحقوق المتهم(ب) دون إغفال ضمانات المتهم وحقوقه أثناء هذا الوضع(ج).
الفقرة الأولى: مدة الوضع تحت الحراسة وتمديدها:نصت المادة السابقة على أن مدة الوضع تحت الحراسة تختلف حسب نوع الجريمة وهي لا تخرج عن ثلاث حالات هي:
1- الجنايات والجنح في حالتهما العادية أو المتلبس بها: وتكون المدة 48 ساعة قابلة للتجديد لمدة 24 ساعة فقط، بعد إذن النيابة العامة.
2- الجرائم الماسة بأمن الدولة: وفيها تكون الحراسة لمدة 96 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة فقط بنفس المدة بعد إذن النيابة
3- جرائم الإرهاب: مدتها 96 ساعة قابلة للتجديد مرتين بنفس المدة، بعد إذن النيابة
الإشكاليات التي تطرحها الحراسة النظرية اعتمادا على مدتها وما يترتب عليه من نتائج تظهر من خلال المدة القصيرة لهذه الحراسة والتي تعني أن البحث لن يطول إلا بامتداد مع هذه المدة، ناهيك عن الإشكالية التي تطرحها إطالة مدة الحراسة من حيث تحكمها في حريات الأفراد، وهذا لا يعني أن الإشكالية معقدة بل إن حلها أسهل مما هو متوقع. فقد كان واجبا على المشرع الفصل بين مدة الوضع تحت الحراسة وزمن إجراء البحث وذلك لنخول لضابط الشرطة القضائية المدة الكافية لإجراء البحث وعدم إغفال أي إجراء يؤثر على مجريات البحث وبالتالي المحاكمة وذلك لكونه يتسابق مع الزمن الواجب عليه احترامه نظرا لوضعه المتهم تحت الحراسة النظرية حيث يمكنه (المشرع) أن يوفق بين مصلحة المتهم من جهتين هما عدم وضعه تحت الحراسة وكذلك إجراء البحث في مدة كافية لإظهار كل ما يتعلق بالواقعة وذلك من خلال التنصيص على شروط لوضع المتهم تحت الحراسة، فما هي هذه الشروط؟ وكيف يمكن أن تخدم مصلحة المتهم؟ ولا ننسى أن تحديد مدة الوضع تحت الحراسة وتمديدها تطرح إشكال متى يمكن للمتهم أن يتصل بمحاميه إذا كان لا يشعر بانتهاء مدة الوضع تحت الحراسة وابتداء المدة الجديدة بعد التمديد.

الفقرة الثانية: الوضع تحت الحراسة النظرية كتدبير استثنائي:أتاح المشرع لضابط الشرطة القضائية إمكانية وضع المتهم تحت الحراسة النظرية، لكنه اشترط لإمكانية ذلك بعض الشروط هي:१
- أن تتطلب ذلك ضرورة البحث:لقد اشترط المشرع على الشرطة القضائية ألا تلجأ إلى تدبير الوضع تحت الحراسة النظرية إلا إذا كانت ضرورة البحث تقتضي ذلك ولكنها بالمقابل لم تذكر معنى هذه الضرورة مما أدى إلى توسع أفراد الشرطة القضائية في الأخذ بمفهوم هذه المادة ومارسوها حسب مزاجيتهم تحت تعليل أن ضرورة البحث تقتضي ذلك.२
- أن يكون معاقبا على الجريمة المرتكبة بالحبس:إن هذا الشرط يعتبر منطقيا جدا، فكيف يمكن أن نحبس متهما من أجل إجراء بحث في حين أن هذه الجريمة لا ترتب أي عقوبة حبسية؟ولكن رغم أن هذه الحالة تعتبر كضمانة للمتهم إلا أنها تظهر لنا تميز المشرع بين حالتين يتم فيهما المساس الجلي بقرينة البراءة।فإن كان أساس عدم إمكانية الوضع تحت الحراسة النظرية ينبني على اعتبار أن العقوبة المحددة لتلك الجريمة لا تصل إلى عقوبة الحبس فهذا يعني صراحة بأن المشرع أخذ بأن المتهم هو الفاعل الحقيقي وليس مشتبه به يضعه تحت الحراسة من أجل ضرورة البحث وأن المشرع ضحى بحق الضحية في حالة ارتكاب فعل جرمي لا يرتب إلا غرامة (مع الإشارة إلى حق المطالب بالحق المدني في التعويض عن طريق الدعوى المدنية التابعة
فقد ضحى المشرع بذلك الحق لكنه لم يسمح بإمكانية الوضع تحت الحراسة في هذا النوع من الجرائم وذلك لإمكانية فرار ذلك المتهم وضياع حق الضحية
إن هذا يوضح لنا جليا بأن المشرع غايته من إقرار هذا الشرط ليس التأكيد على أن الوضع تحت الحراسة النظرية يعتبر وضعا استثنائيا كما يشير إلى ذلك بعض الفقه( ) وإنما أصبح هو المبدأ، وما يؤكد هذا القول هو أن المشرع لم يرتب أي جزاء على خرق هذه الشروط من طرف ضابط الشرطة القضائية سوى تعريضه لعقوبات تأديبية إذا ما كان هذا الخرق متعمدا وتعسفي (أو تحكمي كما يطلق عليه البعض) ولكن هذا لا يعني أن المشرع لم يعطي للمتهم ضمانات خلال هذا الوضع والتي تتمثل فيما يلي:

الفقرة الثالثة: ضمانات المتهم أثناء الوضع تحت الحراسة النظرية:نص المشرع على ضرورة احترام بعض الإجراءات والتي تشكل ضمانات للمتهم خلال مدة وضعه تحت الحراسة النظرية وهذه الضمانات هي:१
1- إشعار عائلة المتهم:يعاب على هذه الضمانة كونها لم تحدد الأشخاص الواجب إشعارهم، زيادة إلى عدم وجود جزاء للإخلال بهذا الإجراء والذي يؤدي إلى عدم احترامه وبالتالي إفراغ هذه الضمانة من المحتوى واعتبارها في حكم المنعدمة اعتبارا لكون هذا الإجراء إداري في نظر الفقه والقضاء لا يرتبون على مخالفته بطلان الإجراءات.
2-الاتصال بمحام:وهذا الاتصال يطرح إشكالية إثبات إبلاغ ضابط الشرطة القضائية للمتهم في حقه بتعيين محام وكذلك إشكالية أخرى تتمثل في أن هذا الاتصال لا يتم إلا بعد تمديد مدة الوضع تحت الحراسة النظرية.३
3-رقابة النيابة العامة لإجراء الوضع تحت :
النيابة العامة بوصفها مسيرا لأعمال الشرطة القضائية رقابة أعمال هذه الأخيرة، ومن ضمن الأعمال التي تخضع لهذه الرقابة الوضع تحت الحراسة وهذه الرقابة تكون على مرحلتين:*رقابة سابقة على الوضع تحت الحراسة النظرية।وتتمثل في ضرورة حصول الشرطة القضائية على إذن مسبق من النيابة العامة قبل لجوئها إلى الوضع تحت الحراسة النظرية، إلا أن هذا الإذن يشترط فقط في حالة الجرائم المرتكبة في الأحوال العامة، أما الجرائم المرتكبة في حالة تلبس فقد منح المشرع الشرطة القضائية سلطة القيام بهذا الإجراء دون حاجة إلى الحصول على إذن مسبق من النيابة العامة ولا نحتاج إلى التذكير بكيفية توسيع المشرع لقاعدة الجرائم المتلبس بها من خلال إدراج الحالات التي اصطلح عليها الفقه بالتلبس الافتراضي.*رقابة لاحقة للوضع تحت الحراسة النظرية:أوجب المشرع على النيابة العامة القيام بمراقبة الوضع تحت الحراسة من خلال المادة 66( ) وذلك بالكيفيات التالية
-يقوم وكيل الملك بزيارة واحدة في الأسبوع على الأقل للأماكن التي يتم فيها الوضع تحت الحراسة مع إمكانية قيامه بزيارات متعددة وضرورة قيامه بمحضر موقع عند كل زيارة
-يوقع وكيل الملك على السجل المرقم الصفحات والذي يوجد في كل المحلات التي يوضع فيها الأشخاص تحت الحراسة النظرية ويكون هذا التوقيع مرة في كل شهر على الأقل
-يمكن للنيابة العامة الحد من الوضع تحت الحراسة النظرية في أي وقت شاءت.ورغم ما سبق ذكره من الضمانات فإن هذا الوضع يعتبر غير منطقي من الناحية القانونية وذلك أنه كيف يمكن أن تتم المراقبة من نفس الجهاز الذي يقوم بالعمل؟ فالمتعارف عليه والذي يحتمه المنطق القانوني أن سلطة الرقابة يجب أن تكون منفصلة عن سلطة المتابعة، حيث أن النيابة العامة هي المسؤولة وفي نهاية المطاف عن أعمال الشرطة القضائية بصفتها مسيرة لها فكيف يمكن أن نعتبر أن هذه السلطة والتي تتابع المتهم تطمح إلى المحافظة على حقوق وضمانات المتهم وهي من قامت بوضعه أصلا
لقد كان جديرا بالمشرع أن يوكل مهمة رقابة الوضع تحت الحراسة النظرية وغيرها من الإجراءات ذات الطابع القسري وكضمانة للمتهم تحت سلطة جهاز محايد ومتخصص، مع الإشارة إلى ضرورة الحفاظ على استقلال القضاء وقضاة النيابة العامة بشكل خاص، بأن يكون هذا الجهاز غير ذي سلطة على قضاة النيابة العامة حيث يمكن أن يثير مسؤولية النيابة العامة في حالة خرقها للقانون ويسائلها أمام القضاء دون أن يكون لهم حق إيقاع عقوبات أو اتخاذ أي إجراءات كيفما كان نوعها إلا تلك التي تثير مسؤولية جهاز النيابة العامة.

المطلب الخامس: اقتناع النيابة العامة وملائمة المتابعةيأتي اقتناع النيابة العامة بكون المشتبه به (المتهم) هو مرتكب الجريمة في مرتبة تفصل بين مرحلتين، مرحلة ما قبل المحاكمة (بحث تمهيدي وتحقيق إعدادي) ومرحلة المحاكمة، فالنيابة العامة لها كامل الصلاحية وبناءا على ما يصل إلى علمها من وقائع على جريمة معينة من خلال البحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي أن تتخذ أحد القرارين التاليين واللذان يؤديان إلى انتهاء مرحلة ما قبل المحاكمة وهما:
الفقرة الأولى: قرار حفظ الملفتقوم النيابة العامة باستخدام حقها في حفظ الملف بناءا على المادة 49 في فقرتها ما قبل الأخيرة، حيث أشار المشرع أن للنيابة العامة الحق في حفظ الملف ولم يحدد إلا أسبابا قليلة فسرت على أنها وردت على سبيل المثال لا الحصر، وهذا يعني أن سلطة النيابة العامة في هذا المجال تعتبر سلطة مطلقة ويعزو واضعو المدونة هذه السلطة إلى كون النيابة العامة وفي بعض الأحوال لعدم وجود دليل قوي أو في حالة عدم معرفة الجاني تقوم بحفظ الملف لتخفف عن المحكمة عبئ النظر في قضايا لا طائل منها، وهذا التفسير منطقي إلى حد كبير، لكن ما نتسائل عنه نحن هو مدى التزام النيابة العامة بأسباب كالأسباب المذكورة لحفظ الملف؟ ألا يمكن أن تستغل النيابة العامة هذا الحق أو هذه السلطة لخدمة مصالحها خاصة إذا ما عرفنا أن جهاز النيابة العامة مترابط كما سبق الذكر.
الفقرة الثانية: قرار إحالة الملف على جلسة الحكميعتبر هذا القرار بمثابة حكم بالإدانة من طرف النيابة العامة، حيث أنها ومن خلال إحالة الملف إلى قضاء الحكم ترشح ذلك المتهم باعتباره مرتكبا للفعل الجرمي، وهذا القرار يعتبر الوجه الثاني لقرار حفظ الملف وفي الحالات التي لا يحفظ فيها الملف تتم إحالته على قضاء الحكم وهذا يعني بالضرورة أن زيادة عدد قرارات حفظ الملف تؤدي إلى تقليص عدد المتابعات والعكس صحيح। وما يهمنا في هذه العلاقة هو أن المشرع لم يحدد أسباب قاطعة لحفظ الملف وهذا يعني أنه أتاح المجال للنيابة العامة بإحالة أعداد كبيرة من الملفات إلى قضاء الحكم رغم أنه وفي بعض الحالات لا توجد علاقة متينة بين الفعل الإجرامي والمشتبه به أو المتهم الذي تمت إحالة ملفه على الجلسة وما يترتب على ذلك من مساس بقرينة البراءة، وقد ذهب المشرع الفرنسي إلى ضرورة وجود علاقة بين الفعل الإجرامي والمشتبه به حتى يمكن متابعته وتحريك الدعوى العمومية في مواجهته ومن تم ممارستها، وهذا ما يدل على حماية المشرع الفرنسي للمتهم وتمتيعه بقرينة
__________________________-
يحق للنيابة العامة أن تستأنف لدى الغرفة الجنحية كل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق باستثناء الأوامر الصادرة بإجراء خبره طبقا لمقتضيات المادة 196″। المسطرة الجنائية المغربية، المادة 222।- محمد عياط: م، س، ص103।- المسطرة الجنائية المغربية “الفقرات السادسة، الحادية عشر، الثانية عشر، الثالثة عشر، الرابعة عشر والأخيرة”।

السبت، 19 ديسمبر 2009

النيابه العامه "الدول العربيه"

مفهوم النيابة العامة
1- تعريفها : لقد اختلف الفقه حول تحديد مفهوم النيابة العامة فمنهم من يربطها بالسلطة التنفيذية وذلك لقيامها بتحريك الدعوى العمومية حول كافة الجرائم ومناك من يعتبرها سلطة قضائية لأن من يباشر مهامها تابع للقضاء وهناك اتجاه ثالث يراها أنها هيئة لا تخضع لأي سلطة من السلطات الثلاث فهي تسهر على تطبيق القانون وتنفيذه وملاحقة ومتابعة المجرمين مما يجعلها صاحبة دور عام خاص بها
2- خصائصها · التبعية التدريجية : أي أن كل هيئة دنيا تخضع للأعلى منها وهذا على المستوى الفني والإداري وتكون بين النائب العام ووكلاء الجمهورية أي أن قضاة النيابة العامة يعملون تحت إدارة ومراقبة رؤسائهم المباشرون · عدم القابلية للتجزئة ويقصد بها بعدم القابلية للتجزئة أن للأعضاء يعتبرون وحدة واحدة لا تتجزء ومعنى ذلك من الناحية القانونية يمكن أن يحل أي من الأعضاء محل الآخر في تمثيل النيابة في أية حالة كانت عليها الدعوى أي أ أعضاء النيابة يكمل أحدهم الآخر أي يوصل اللاحق من حيث توقف السابق ·
استقلال النيابة العامة : ليس هذا الاستقلال التام بين أعضاء النيابة العامة وقضاة الحكم لأن أحد ينكر أن العاملين متصلين ببعضهما البعض ويربط بينهما سهر النيابة على الدعوى العمومية في المرحلة جمع الاستدلالات وجمع الأدلة ومباشرة بعض إجراءات التحقيق في حين يقوم قضاة الحكم بعبء التحقيق النهائي وإصدار الأحكام في الدعوى العمومية بروح الجرد والحياد والعدالة إن خضوع للتبعية التدريجية لا يعني تقييد سلطة النيابة وإنما ذلك من أجل تحديد الأطر العامة لممارسة المهام إذ يحق له أن يقدم ما يراه لازما من طلبات ودفوعات شفوية أمام القضاء عدم مسؤولية النيابة العامة : لا يمكن مسائلة أعضاء النيابة عن الأعضاء البسيطة التي يرتكبونها أثناء ممارسة مهامهم إذا كانت مما أمر به أو أذن به القانون وفقا للمادة 39 قانون العقوبات وأنه في حالة حدوث خطأ جسيم من أحد أعضاء النيابة فإنه يتعين تقديم شكوى لرئيسه المباشر الذي يخضعه للعقوبة التأيبية وقد تصل إلى المتابعة الجزائية والدولة تقوم بتعويض الشخص المضرور من خطأ العضو
3- عدم القابلية للرد : الأصل أن أعضاء النيابة العامة غير قابلين للرد وأساس هذا المبدأ أن النيابة الخصم في الدعوى العمومية ولا يجوز للخصم أن يرد خصصتهه المادة 555 إجراءات جزائية
اختصاصات النيابة العامة أولا باعتبارها سلطة اتهام : تنحصر إختصاصات النيابة العامة كسلطة اتهام في التصرف في محاضر جمع الاستدلالات بالحفظ وتحريك الدعوى العمومية ومباشرة الدعوى أمام القاضي والطعن في الأحكام القضائية الجزائية وتنفيذ القرارات والأحكام القضائية النهائية
- التصرف في محاضر جمع الاستدلالات بالحفظ عندما تصل المحاضر إلى وكيل الجمهورية سواء أن كانت مقدمة إليه أومن محاضر الضبطية القضائية فإنه له حرية التصرف فيها إما أن يباشر الدعوى وإما أن يحفظ الملف بتوافر أسباب قانونية وأسباب موضوعية ·
الاسباب القانونية للحفظ :
- الحفظ لعدم الجريمة : إن حفظ النيابة العامة الدعوى لعدم توافر عنصر التجريم في موضوع هذه الدعوى تطبيقا للمادة الأولى من قانون العقوبات لا جريمة ولا عقوبة أو تدابيرأ من بغير نص أي عدم المتابعة عن فعل غير منصوص عليه
- الحفظ لإمتناع العقاب : إذا كان الفعل منصوصا على جريمة ولكن أعفى القانون الفاعل مثل اختطاف القاصر والزواج بها يمنع العقاب على الخاطف 326 عقوبات
- الحفاظ لامتناع المسؤولية : يحق للنيابة العامة حفظ الدعوى العمومية إذا كان الفاعل غير مسؤول جنائيا كأن يكون حدثا غير مميز أو كان مجنونا
- الحفظ لعدم إمكان تحريك الدعوى وذلك في الحالات التي تمتنع النيابة عند تحريك الدعوى إذا كانت معلقة على شكوى أو إذن مثل السرقة بين الأقارب حتى الدرجة الرابعة
- الحفظ لانقضاء الدعوى العمومية : إذ سقت الدعوى بالتقادم فإنه لا يجوز متابعة المتهم بعد التأكد من أن الجريمة قد سقطت بالتقادم المادة 06 من قانون الاجراءات الجزائية ·
الأسباب الموضوعية للحفظ ويقصد بها الأسباب المتعلقة بموضوع الدعوى ووقائعها من حيث معرفة الجاني وتوافر أدلة الاسناد ضده ويمكن القول أن الاسباب الموضوعية للحفظ تنحصر في أربعة عناصر
- الحفظ لعدم معرفة الفاعل : في حال قيام الجريمة من طرف مجهول وتصل إلى علم النيابة العامة ولا تجد من تسندها له فإنها تقوم بحفظ الملف
- الحفظ لعدم كفائة الأدلة : حتى وإن ثبت قيام الجاني بفعل الاجرامي لكن لا يوجد دليل مادي أو معنوي ملموس يؤكد اقترافه للفعل فيقوم وكيل الجمهورية بحفظ الدعوى لعدم كفائة الأدلة
- الحفظ لعدم الأهمية وذلك إذا كان الفعل الجرمي تافها ولا تجوز فيه قيام المتابعة القضائية مثل المشادات بين الأقارب والتي تكون نتائجها بسيطة
- طبيعة قرار الحفظ :* أنه إجراء إداري ليست له الصفة القضائية*ليس حجية قانونية أو قضائية لمن صدر لصالحه * امكانية إلغائه والبدء من جديد في التحقيق
2- تحريك الدعوى العمومية : القاعدة العامة أن النيابة العامة هي التي تملك حق رفع الدعوى العمومية بصفتها سلطة الاتهام التي تنوب عن المجتمع في استعمال حقه في المتابعة والمطالبة بتوقيع العقوبة المنصوص عليها في القانون إلا أن لها قيودا تجعلها تمتنع عن تحريك الدعوى العمومية ويكون تحريك الدعوى أن النيابة العامة هي التي تحدد تاريخ الجلسة وهي ومن ترسل ملف الدعوى إلى المحكمة المختصة وهي من تسهر على إحضار المتهم وهي التي تطالب بعقاب المتهم
३- مباشرة الدعوى العمومية : ويتجلى ذلك من خلال إبداء طلباتها أمام الجهة القضائية في الجلسة القضائية وذلك باعتبارها هي المدعي الذي يطالب في جميع الدعاوى العمومية باسم المجتمع حتى الدعاوى التي يحركها المدعي المدني تقدم فيها النيابة العامة الطلبات
4- الطعن في القرارات والأحكام : يحق لها في جميع القرارات التي يصدرها قاضي التحقيق وكذلك القرارات التي تصدرها غرفة الاتهام وكذلك الطعن في الأحكام القضائية إما بالاستئناف أو عن طريق الطعن بالنقض فيها
5- تنفيذ القرارات والأحكام القضائية تسهر على تنفيذ القرارات التحقيق وغرفة الاتهام مثل احضار المتهم أو القبض أو الايداع كما انها تسهر على تنفيذ الأحكام القضائية والصادرة من مختلف الجهات القضائية ثانيا باعتبارها سلطة تحقيق الأصل العام أن النيابة العامة هي جهة إتهام لا يحق لها إجراء التحقيق إلا أن المشرع أعطاها هذا الحق على سبيل الاستثناء ولذا يجب عليها عدم التوسع في غير النصوص الخاصة بهذه السلطات كما لا يجوز لها القياس عليها
· إصدار الطلبات لقاضي التحقيق باجراء تحقيق افتتاحي :
الأصل أن التحقيق قاصر على قضاة التحقيق حيث لا يجوز لقاضي التحقيق أن يجري تحقيقا إلا بموجب طلب افتتاحي من وكيل الجمهورية حتى ولو كان ذلك بصدد جناية أو جنحة متلبس بها وهذا الطلب يتضمن واقعة محددة ويمكن أن يكون يحدد فيه أسماء ويطلب منه إجراء تحقيق معين حول الواقعة أو الأسماء الواردة في الطلب ( سيعرض الزملاء للطلب الافتتاحي عند التطرق لقاضي التحقيق ) ·
إصدار الطلبات اتخاذ إجراءات معينة في التحقيق يمكن لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق في أي مرحلة من مراحل التحقيق إجراء تحقيق حول أمرا يراه لازما لاظهار الحقيقة ·
تنحية قاضي التحقيق : يجوز لوكيل الجمهورية تنحية قاضي التحقيق بعد لتصاله بها واسنادها لغيرها حفاظا على ضمان حسن سير العدالة ويكون ذلك بناء على طلب من المتهم أو المدعي المدني ولوكيل الجمهورية السلطة التقديرية في الطلب المقدم له ·
إصدار الأوامر بالاحضار : استثناء يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بالاحضار للمتهم في الجناية المتلبس بها ويكون الأمر موجه إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم ومثوله أمام المحقق على الفور ·
إصدار الأمر بالقبض : وهو الأمر الصادر إلى القوة العمومية بالبحث عن المتهم عن المتهم وسوقه إلى المؤسسة العقابية المنون عنها في الأمر حيث يجري تسليمه وحبسه ·
استجواب المتهم : وهو أخطر الاجراءات التي يقوم بها المشرف عنها وهو أصلا من اختصاص قاضي التحقيق ولكن المشرع خول لوكيل الجمهورية حق استجواب المتهم في حالتين الأولى في الجناية المتلبس بها وأيضا الاستجواب الفوري للشخص المقدم إليه أم الحالة الثانية في الجنحة المتلبس بها وفيها يصدر وكيل الجمهورية بحبس المتهم لبعد استجوابه ونصت نفس المادة في فقرتها الثالثة ويحال المتهم فورا إلى المحكمة طبقا لاجراءات الجنح المتلبس بها في ميعاد أقصاه ثمانية أيام ويشترط في الحبس أن تكون الجنحة معاقب عليها بالحبس وألا يكون المتهم قد قدم ضمانات كافية للحضور وبذلك تعد هذه الاجراءات استثنائية لوكيل الجمهورية

للتواصل

HODHOD_S@HOTMAIL
97815582 - 55815582