السبت، 26 ديسمبر 2009

اي انتقاص من استقلالية القضاء يؤثر بالسلب على الرسالة التي يتطلع اليها

أكد المحامي العام الأول المستشار محمد الزعبي أنه لا يوجد فرق بين السلطة القضائية والسلطتين التنفيذية والتشريعية من ناحية المساواة، مشيرا الى أن السلطة القضائية تستمد وجودها وكيانها من الدستور ومن التشريع الذي ينظمها. واضاف المستشار الزعبي في حديثه لــ «القبس» الذي تطرق فيه الى قانون استقلالية القضاء المعروض بجلسة اليوم على مجلس الأمة ان ولاية القضاء قاصرة بحكم القانون على القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين هم شعبة اصيلة من شعب السلطة القضائية وجناح من جناحيها يستظلان معا بمجلس قضاء أعلى واحد وقواعد واحدة يخضعان لها في كل أمورهما الوظيفية. وبين المستشار الزعبي ان مشروع قانون استقلالية القضاء مالياً واداريا ليس امتيازا للقضاة وانما هو حق من حقوق الانسان، وضمان لحماية الحقوق والحريات، مؤكداً ان طبيعة القضاء توجب ان يكون مستقلا، ومشيرا في الوقت نفسه الى ان كل مساس بهذا الاستقلال او الانتقاص منه من شأنه العبث بجلاله والاخلال بميزانه وتقويض دعائم الحكم، لأن العدل بنص الدستور اساس الملك والحكم. وأوضح المستشار الزعبي ان الاستقلال في ضمير القاضي كالسلاح في يد الجندي، فأي انتقاص هنا او هناك يؤثر في عصب الرسالة التي يضطلع بها كل منهما. ورد المستشار الزعبي على مشروع احدى الجهات القانونية الذي اعتبر النيابة العامة ليست سلطة قضائية بأن الجدل والمراء في هذا الخصوص يكونان عقيمين، موضحا انه لا اجتهاد في مورد النص كما يقال، مؤكداً ان اعضاء النيابة هم المعين الذي يمد القضاء بقضاته، والمهد الذي يتولى اعداد قضاة المستقبل، وهم في حكم القضاة في نصوص القانون. وفيما يلي نص الحوار: • طرحت في الفترة الاخيرة تساؤلات عديدة عن الهيئات التي تمثل السلطة القضائية فما هي؟ ــــ السلطة القضائية هي سلطة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية وتستمد وجودها وكيانها في بلدنا من الدستور ذاته ومن التشريع الذي ينظمها، وقد ناط بها الدستور وحدها امر العدالة كما ناط بها القانون الفصل في جميع المنازعات والجرائم مستقلة عن باقي السلطات والجهات وعندما ينص الدستور في المادة 162 على ان «شرف القضاء ونزاهة القضاء وعدلهم، اساس الملك وضمان للحقوق والحريات» وفي المادة 163 على انه «لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاة وفي المادة العدالة، ، ويكفل القانون استقلال القضاة وفي المادة 168 على ان يكون للقضاء مجلس اعلى ينظمه القانون ويبين صلاحياته، وعندما يعهد قانون تنظيم القضاء للمحاكم بالفصل في جميع المنازعات والجرائم الا ما استثني بنص خاص فان الدستور والقانون يكونا قد اقاما تلازما لا تنفصم عراه بين القضاة الذين هم بنية السلطة القضائية، وبين غيرهم ممن ليسوا من لحمتهم ولو كانوا من اشباههم او ممن شبه لهم ذلك فالسلطة القضائية اذن كيان يستقل بالولاية القضائية، وولاية القضاء قاصرة بحكم القانون على القضاء واعضاء النيابة العامة الذين هم شعبة اصيله من شعب السلطة القضائية وجناح من جناحيها يستظلان معا بمجلس قضاء اعلى واحد وقواعد يخضعان لها في كل امورهم الوظيفية. أهداف الاستقلالية • تنادي السلطة القضائية بإقرار قانون لاستقلالهم إداريا وماليا، فما هي أهدافه وثماره على القضاء في حال تطبيقه؟ ــــ قبل ان اجيب عن السؤال اود ان اوضح اولا ان استقلال القضاء او السلطة القضائية ليس امتيازا للقضاة وانما هو حق من حقوق الانسان، وضمان لحماية الحقوق والحريات، فمن حق الناس جميعا ان يكون الفصل في منازعاتهم - حقا وعدلا - بمنأى عن اي عوامل تؤثر في موضوعية الحكم وتحيد به عن سواء السبيل ايا كانت هذه العوامل وايا كانت طبيعتها وبغض النظر عن مصدرها او دوافعها او اشكالها. لذلك فان طبيعة القضاء توجب ان يكون مستقلا، وكل مساس بهذا الاستقلال او الانتقاص منه من شأنه العبث بجلاله والاخلال بميزانه وتقويض دعائم الحكم لان العدل بنص الدستور اساس الملك والحكم، ولعل هذا الايضاح عن فلسفة استقلال القضاء يكشف بذاته عن اهداف السعي اليه، كما يكشف بذاته عن ثماره التي تؤتي اكلها وتصب في مصلحة الوطن والمواطنين، فليس انفع للوطن وليس اجدى للمواطن من ان يعمل قضاته بعيدا عن كل او لان التأثير او الضغط الذي يوهن عزائم رجاله ويؤثر في قضائهم اغواء او ارغاما، ترغيبا او ترهيبا. • وهل يتمتع القضاء في الدول الاخرى باستقلال مالي او اداري؟ ــــ بكل تأكيد، يتمتع القضاء في اغلب بلدان العالم المتحضر باستقلال مالي واداري لان من اهم ضمانات استقلال القضاء، بل جوهر هذه الضمانات ان يستقل القضاء بوضع موازنته بما في ذلك تحديد موارد هذه الموازنة ووجه انفاقها وان تدرج رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة، حتى في عالمنا العربي فان القضاء في الشقيقة مصر قد حظي اخيرا باستقلال مالي واصبحت موازنته بيد مجلس القضاء يصرفها على الوجه الذي يراه محققا لمصلحة القضاء والمتقاضين. ضمير القاضي • وماذا لو بقيت الحال في الكويت على ما هي عليه بالنسبة للوضع القائم في شأن ميزانية القضاة؟ ــــ الاستقلال المالي للقضاء فرع من استقلال القضاء ذاته، بل هو جوهر هذا الاستقلال ومناط تحققه، وابرز مظاهره ولعلي لا اكون مبالغا اذا قلت ان الاستقلال في ضمير ا لقاضي كالسلاح في يد الجندي فان انتقاص هنا او هناك يؤثر في صب الرسالة التي يضطلع بها كل منهما. • لقد طرحت احدى الجهات القانونية مشروعا خاصا بها تناولت فيه النيابة العامة على اعتبار انها ليست سلطة قضائية فما هو رأيكم؟ ــــ النيابة العامة كما سبق ان اوضحت شعبة اصلية من شعب السلطة القضائية وجزء لا يتجزأ من كيانها، ومن يرد ان يلتمس الحق فعليه مراجعة قانون تنظيم القضاء حتى يدرك هذه الحقية بغير عناء، فالنيابة العامة فضلا عن توليها عملا من صميم العمل القضائي فإن اعضاءها هم المعين الذي يمد القضاء بقضاته وهي المهد الذي يتولى اعداد قضاة المستقبل وهم في حكم القضاة في اكثر من نص من نصوص هذا القانون، وقد اكتفى هنا بنص المادة 21 من قانون تنظيم القضاء التي تنص على ان ترقية القضاة حتى الدرجة الاولى ومن في حكمهم من اعضاء النيابة العامة على اساس الاقدميةمع الاهلية، وهم في باقي النصوص يخضعون لقواعد واحدة تعيينا وترقية وندبا وحصانة، وحقا وواجبا حتى حسابا ومساءلة. محارم الدستور • ماذا لو اقر مجلس الامة تبعية بعض الجهات القانونية للقضاء؟ وهل سيعتبر هذا القانون في حال صدوره غير دستوري؟ ــــــ السلطة التشريعية في بلادنا على قدر كبير من الوعي الفكري والقانوني والدستوري على وجه الخصوص، وهي السلطة الاحرص على سيادة القانون ومراعاة محارم الدستور، وتاريخها يشهد بذلك في كل مناسبة ولذلك لا ارى وجها للتخوف الذي يوحي به السؤال. الوطن والقضاء • اخيراً، هل تتوقع موافقة السلطتين على مشروع الاستقلال المالي للسلطة القضائية؟ ــــــ توقع ما لم يحدث امر بظهر الغيب الذي لا يعلمه الا الله ولكن الامل والتفاؤل فهما دائما من طبعي، واما الثقة فهي معقودة في السلطتين اللتين لا اشك في انهما يضعان مصلحة الوطن والقضاء فوق اي اعتبار وقبل اي اعتبار. اجتهاد عقيم اكد المستشار الزعبي اثناء حديثه ان الجدل والمراء في ما طرح من ان النيابة ليست سلطة قضائية يكون عقيما، موضحا انه لا اجتهاد في مورد النص كما يقال. مساواة بالسلطتين تساءل المستشار الزعبي قائلاً: ما دام لكل من السلطتين التشريعية والتنفيذية في الدولة استقلال مالي، فما الذي يمنع اذن ان تحظى السلطة القضائية بمثل هذا الاستقلال حتى تكون على قدم المساواة مع السلطتين؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للتواصل

HODHOD_S@HOTMAIL
97815582 - 55815582